القوانين الحثية

تأثير الشرائع العراقية القديمة على قوانين بلاد الاناضول

    خلال بحثي عن المصادر الأجنبية التي تتناول تاريخ بلاد الرافدين القديم، قرأت وبالصدفة كتاب ) قوانين الحثيين)  للباحث (Neufeld) الصادر عام (1951)، فأعجبتني المواد القانونية التي سبق وان قرأت بعض المقتطفات عنها وفي حقيقتها كانت إشارات وردت في بحث شيخ الآثاريين العراقيين الأستاذ )طه باقر(  في بحته عن )شرائع العراق القديم(  في سومر، المجلد الثالث، ج 2 ، وكتاب )الحثيون(  للباحث  ((Gurney الصادر عام (1963)، وقد أعطى نصوص لبعض المواد في القانون الحثي في معرض حديثه عن حضارة الحثيين.

   وبعد دراسة مضمون كتاب الباحث (Neufeld) أعجبت بالقوانين الأناضولية القديمة لأسباب عده:

-1   تلك القوانين متأثرة بشكل أو بآخر بالقوانين المعروفة ببلاد النهرين من حيث أسلوب المادة ومضمونها، وحتى التشابه في نص المواد، وكأنها مترجمة عن الأصل البابلي والآشوري.

-2   محتوى القوانين لا يختلف من حيث المواد عن القوانين التي سبق وان صدرت في بلاد الرافدين )قوانين أور- نمو، ولبت عشتار، واشنونا، وحمورابي(، فقد تناولت أغلب المخالفات وما يترتب عليها من عقوبات، وإعطاء الحقوق للمجني عليه، ولهذا كنت استشهد بالقوانين الرافدية عند شرح المادة القانونية الحثية.

-3جاءت هذه المواد القانونية بعد صدور القوانين السومرية والبابلية والآشورية القديمة، لكنها حتما هي اسبق من القانون الآشوري الوسيط، فهناك فترة زمنية بين الاثنين تقدر بمائتين عام تقريبا.

4 -لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نجعل القوانين الحثية تقليد أعمى لنصوص سبقتها، لأننا نجد فيها لمسات ابتكار في المواد، فمثلا لا نجد عقوبات الحرق والغرق والشنق والخوزقه، فقد كانت اغلب العقوبات غرامات مادية.

5  - في المواد القانونية نحس بوجود التقاليد والأعراف في المجتمع الحثي من خلال استخدام كلمتي )سابقا( كانت العقوبات كذا وكذا، و )الآن( العقوبات كذا وكذا، وأهم ما يميز الحالتين التخفيف في قيمة الغرامة أو تغير القصاص من الإعدام إلى الغرامة المالية.

   وهكذا تم شرح نص المواد في فصول التعليقات وبيان ما يشابهها في قوانين بلاد الرافدين، وأني أضع أمام الباحثين العراقيين هذا الجهد، وأتمنى أن يحصل كتابي على 50 % من النجاح الذي حققه كتب الباحثين  (Hoffner) و  (Friedrich) و (Goetze  ) و (Neufeld) الذين سبقوني في مضمار القوانين عند الحثيين، وإذا كان هناك خطا في مفردات اللغة الحثية أو السومرية أو الأكدية ، فاني سأكون شاكرا لتصحيح الكلمات القديمة ،فالمهم عندي البحث العلمي الرصين لا يتحقق إلا بالمحتوى الصحيح لان اللغات القديمة تحتاج لدقه والغوص فيها يحتاج لدراسة سنوات طويلة، فعلى سبيل المثال استلمت بحث منشور فيJAOS)) عام (1999)  للباحث  (Petra Goedebuure) بعنوان) قوانين الحثيين)  جاء فيه تصحيح أو ما يراه مناسبا في ترجمة بعض العبارات والكلمات الحثية التي وردت في كتاب (Hoffner)، وقد أفادني هذا البحث في تصحيح الترجمة القوانين .

أيضا وضعت فصلا كاملا عن مصادر القانون الدولي في الألفية الثانية ق.م: أواخر عصر البرونز حيث تحددت القيم الدبلوماسية ضمن أعراف متفق عليها في كيفية تبادل الرسائل الدبلوماسية وأسلوبها، كذلك شكلية المعاهدات وإبرامها بين الأطراف، وسبب إدراج هذا الفصل في آخر البحث لان جل الاتفاقيات والمراسلات. التي عثر عليها جاءت من أرشيفات حاتوشا) بوغازكوي(، وسيجد القاري استشهاد مستمر في الهامش بالاتفاقيات الحثية، التي اعتبرت كنموذج سارت عليه باقي الدول العظمى، كذلك رسائل العمارنة التي ضمت مراسلات الملوك العظام أو ملوك التوابع مع سيدهم الفرعون، عموما القوانين الحثية والقانون الدولي تحدد واتخذ شكله الكامل في النصف الثاني من الألفية الثانية ق.م، تبقى ملاحظة لحد الآن لم يعثر على نص حثي قانوني يعتمد على العقوبات التي وردت في القوانين الحثية! بعكس حضارة بلاد الرافدين وجدنا نصوصا اعتمد في فرض العقوبة على ما ورد في القوانين العراقية القديمة، ولهذا نحن لا نعرف هل طبقت تلك القوانين ام لا؟ ونعرف أيضا عقوبة الإعدام لم ترد في القوانين الحثية وذكر الملك حاتوسيلي الثالث في رسالته الموجه إلى كدشمان انليل الثاني الملك الكاشي في بابل بان عقوبة القتل غير موجودة في حاتتي انما يسلم القاتل إلى اهل القتيل ولهم الحق في فرض العبودية عليه أو قتله،

وشكرا لكل من يطالع الكتاب  ويبدي راية مع تقديري ..