
بقلم د. بهنام ابو الصوف
المقالة كتبت كتقديم لكتاب الزميل والصديق د. كامل الويس الاستاذ في كلية التربية الرياضية - جامعة تكريت -


ربما لايعرف الكثيرين ان قدماء العراقيين قد عرفوا الالعاب الرياضية بانواعها وخاصة العاب القوى بما فيها المصارعة والملاكمة والجري وحمل الاثقال وذلك قبل ان تعرف في بلاد اليونان باكثر من الفين وخمسمائة عام
تحكي لنا ملحمة كلكامش واقعة الصراع الاسطوري ما بين البطلين جلجامش وانكيدو, حينها كان جلجامش ملكا لدولة مدينة الوركاء السومرية بحدود العام 2700 قبل الميلاد, لدينا ادلة اثرية تاريخية من ذلك العصر ( فجر السلالات السومرية الثاني )وقبله بقليل في مطلع الالف الثالث قبل الميلاد على هيئة اختام اسطوانية منقوشة بمشاهد من المصارعة والملاكمة بين رجال مفتولي العضل, كما جائتنا ايضا تماثيل من البرونز ومن نفس الفترة التاريخية او بعدها لرجلين متقابلين بوضعية الملاكمة.


وتسرد الملحمة تفاصيل دقيقة للعبة المصارعة بين البطلين جلجامش وانكيدو في ساحة مدينة الوركاء، حيث التقى الخصمان بصراع عنيف اهتزت له جدران الوركاء.
واخذا يخوران خوار الثيران كما تصفهما الملحمة. وتستمر الملحمة في سرد وقائع المنازلة و تتورد كيف ان كلكامش مال على خصمه وقدمه ثابتة في الارض فهدأ غضبه وقام عن انكيدو, ووصف النزال يظهر لنا ان الخصمان قد دخلا في مبارة مصارعة ذات قواعد معّرفة وليست وليدة لحظتها بدليل ان كلكامش في نهايتها كان قد مال على خصمه وقدمه ثابتة في الارض وقد حسم المباراة لصالحه. هذا وتجدر الاشارة بهذا الصدد ان ممارسة الالعاب الرياضية في العراق القديم وبالذات لعبتي المصارعة والملاكمة كانت ذات علاقة بعدد من الطقوس الدينية والخصب والفحولة, وقد غدا مشهد المصارعة بين جلجامش وانكيدو من المواضيع المحببة لدى نحاتي الاختام الاسطوانية في مختلف العهود التاريخية لبلاد الرافدين.

ولدينا خلال زمن الامبراطورية الاشورية في النصف الاول من الالف الاول قبل الميلاد مشاهد عديدة لرياضة الصيد وصيد الاسود باالذات على منحوتات تزين جدران قصور ومعابد العاصمتين الاشوريتين نمرود و نينوى, ولقد كانت هذه الرياضة محببة لدى الملوك الاشوريين امثال سنحاريب و اسرحدون واشور بانيبال.
واني اذ اسوق هذه اللمحة الموجزة عن ما كان من سبق عراق الحضارات في مجال الالعاب الرياضية فأني اهنئ صديقي واخي الدكتور كامل الويس على انجازه هذا الكتاب الذي اقدم له بكل اعتزاز والذي يعد مساهمة متميزة منه لابراز مظهر اخر من مظاهر الرقي في العراق القديم و حضاراته المتقدمة في العديد من فروع المعرفة, انه لواجب وطني الان علينا جميعا نحن عراقيوا هذا الوطن الجريح ان نكتب ونضع الدراسات لتبقى امجاد وابداعات بلدنا مهد الحضارة الاولى في التاريخ , ليعرف ابناءه والاخرون ان العراق الذي تعرض لاكثر من احتلال عبر تاريخه الطويل سينهض من كبوته باذرع ودماء اهله وابنائه الاصلاء اصالة ترابه ليعود كما كان دأبه في كل عصور التاريخ, بلدا موحدا قويا وموطنا للحضارة والسلام والمحبة.
بهنام ابو الصوف
عمان - الاردن
25 / 3/ 2010
Comments powered by CComment