
بحث موجز في التاريخ القديم للأردن قامت المماليك الثلاث العمونية والمؤابية والأدومية في الأردن في آواخر الألف الثاني قبل الميلاد وقد بلغت أوج قوتها وازدهارها في القرن التاسع قبل الميلاد، أو بعده بقليل، إلا أنها أخذت بالضعف والانحلال التدريجي بين القرنين السادس والرابع قبل الميلاد حيث حلت محلها الدولة النبطية العربية وعاصمتها البتراء، والتي امتد نفوذها أيام قوتها حتى دمشق في الشمال والعلا في الحجاز في لجنوب. وأكثر الآراء قبولاً حول قيام هذا الدول الثلاث، وذلك تبعاً للمصادر الكتابية المصرية والآشورية والبابلية الحديثة (الكلدية) أنها طورت وجودها وكياناتها محلياً، وأن سكانها قد وجدوا أصلاً في المناطق الجبلية والسهلية من الأردن- ولا صحة للرأي القائل الذي يعزي وجودها إلى تغلغل هجرات وغزوات من الخارج.
هذا وقد شغلت مملكة عمون المنطقة الممتدة بين وادي الزرقاء في الشمال والموجب في الجنوب، كما كانت أراضي مملكة مؤاب محصورة بين وادي الموجب شمالاً والحسا جنوباً، واستقر سكان مملكة ادوم بين وادي الحسا شمالاً وخليج العقبة جنوباً. اتخذ العمونيون من ربة عمون(جب القلعة في عمان) عاصمة لهم وقد ازدهرت مملكتهم من أواخر الألف الثاني حتى منتصف الألف الأول قبل الميلاد.
ويرى البعض أن العمونيين كانوا قد بدأوا بالاستقرار في مناطق عمان والبقعة وتل العميري وتل جاوة وحسبان ومادبا في حدود عام 1200 قبل الميلاد. دوّن العمونيون نصوصهم الكتابية ووثائقهم على الحجارة الكريمة والمعادن والفخار، واغلب الكتابات العمونية المكتشفة محفورة على اختام مؤرخة بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد، كما عثر على بعضها الآخر منقوشاً على آثار عمارية وتماثيل ومنها تمثال الملك العموني(يرح- عازر) الذي يرجع إلى القرن الثامن قبل الميلاد. لقد وجدت أيضاً بعض الكتابات مدونة على عدد من الأواني المعدنية مثل قارورة تل سيدان وطاسة أم أذنية، كما وجد غيرها مدوناً على كسر فخارية عثر عليها في مواقع تل المزار دير علا في غور الأردن، وأم الدنانير وسحاب وتل العميدي وحسبان في منطقة المرتفعات الجبلية. وكان ازدهار مملكة عمون وقوتها خلال القرنين السابع والسادس قبل الميلاد.
هناك عدد من التفسيرات لاسم مؤاب، منها قد تعني أرض الغروب، أو قد يشير الأسم إلى قبيلة بدوية عاشت في الصحراء، وقد حاول البعض الربط بين اسم مؤاب وبعض اسماء الأماكن الواردة في النصوص المصرية، خاصة من عهد الفرعون رعمسيس الثاني، غير أن البعض الآخر يؤكد أن اسم مملكة مؤاب يشير إلى بقعة جغرافية لا غير. كانت الأراضي التي تشغلها مملكة مؤاب تقع في المنطقة الكائنة في الشرق من البحر الميت والتي يحدها من الشمال وادي الموجب الدائم الجريان ومن الجنوب وادي الحسا، وهي تحوي على عدد قليل من الينابيع.
سكن الأدوميون في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من وادي الحسا على جانبي وادي عربا، وكلمة أدوم سامية الجذر وتعني اللون الأحمر نسبة إلى صخور تلك المنطقة، وقد حدد البعض حدود مملكة أدوم في البقعة الكائنة بين وادي الحسا شمالاً ووادي الحسمي جنوباً، ووادي عربة غرباً، والصحراء في الشرق. وما يعرف عن هذه المملكة وبالأخص عن قيامها وفترة ازدهارها جاء معظمة من المصادر الفرعونية والآشورية والبابلية الحديثة(الكلدية) إضافة إلى ما قدمته المكتشفات الآثرية وبعض نصوص العهد القديم. فقد ورد أقدم ذكر المكتشفات الأثرية وبعض نصوص العهد القديم. فقد ورد أقدم ذكر لمملكة أدوم في الكتابات الآِشورية من عهد الملك الآشوري أدد- نراري الثالث (810-783ق.م) كما يرد اسم مملكة أدوم واسماء عدد من ملوكها في المصادر الآشورية. كما عثر في تنقيبات أم البيادر على طبعة ختم للملك الأدومي(قوس جبار) مطبوعة على غطاء طيني وفيه ذكر لملك أدوم. وقد أطلق اسم أدوميا على مكان قيام الدولة الأدومية خلال العصر الهلنستي(بعد عام 332 قبل الميلاد). ومهما يكن من أمر فإنه ابتداءً من القرن الرابع قبل الميلاد أو قبل ذلك بقليل بدأ العرب الانباط عن الأدوميين الكثير من صفاتهم وطبيعة تعاملهم في الأرض التي استقروا فيها. كما استفادوا من مخلفات من سبقهم في المنطقة في مجال العمارة والتحصينات الدفاعية ووسعوا حدود منطقتهم شرقاً كما قاموا بتشييد تحصينات إضافية وجعلوا من البتراء الحصينة عاصمة لهم. تشير نتائج التنقيبات والبحوث الآثارية إلى أن الأنباط قد استقروا في جنوبي الأردن، كما وسعوا من نفوذهم بحيث أصبحت دولتهم تضم منطقة النقب في فلسطين وبصرى وسعياً والسويداء في جنوبي سوريا، ووصلوا جنوباً حتى شمال الحجاز، وامتداد شرقاً إلى ما وراء نهر الأردن. ترك الانباط وراءهم ما يدل على تقدمهم الحضاري في التشييد والعمران واقامة المدن والقلاع ومنها البتراء وسلع وخربة التنور ومدائن صالح وام الجمال.ومعظم منشأتهم العمرانية البارزة تشاهد في عاصممتهم البتراء كا لقبور المعاهد(أشهرها الخزنة).والمسارح والقنوات والسدود وصهاريج الماء.
ومن أشهر ملوك الأنباط الحارث الأول والثاني والثالث والأخير كان أشهرهم على الأطلاق وقد تمتعت الدولة في عهدها بأزها عصورها وقد حكم في الفترة 87-62 ق. م لقد كان للدين اثر بارز في حياة الانباط فتشيدو الكثير من المعابد. وعبدو آلهة متعددة منها اللات والعزى ومناة وذي الشري، سقطت البتراء عام 106 ميلادي بيد الرومان الذي خلفوا السلوقيين في بلاد الشام.
Comments powered by CComment