
استذكار الدكتورة جوان اوتس من معهد ماكدونلد للدراسات في جامعة كيمبردج في نشرة المعهد البريطاني لدراسات العراق ( غيرترود بل سابقا ) مخصصة للدكتور بهنام ابو الصوف.
أستذكار
بقلم : جوان اوتس
الترجمة عن الانكليزية : نادية البغدادي
Joan Oates Iraq / Volume 75 / January 2013, pp iii - v
لمطالعة المقال كاملا بالانكليزية من الموقع الاصلي انقر هنا
***
الدكتور بهنام ابو الصوف
1931-2012

كان بهنام ابو الصوف عضوا بارزا من الجيل الثاني من علماء الاثار العراقيين. انحدر من عائلة مسيحية من الموصل، كان والده عامل بناء،وفي الموصل نشأ بهنام وتلقى تعليمه في مدارسها. اكمل دراسته الاكاديمة في جامعة بغداد، وتحت رعاية ديفيد اوتيس، دخل الى كلية ترينيتي، وكذلك جامعة كامبريدج، حيث درس في كلية علم الاثار وعلم الانسان من اجل ان يكمل دراسته الرسمية بدرجة الدكتوراه في الاثار. كنت مشرفا عليه اثناء دراسته في كامبريدج. وهو لم يكن فقط يعمل بجد على اطروحته، بل كان ايضا يساعد عائلته الصغيرة اثناء وجودهم هناك. الكثير من ابحاثه كانت مستقاة من تقارير العمليات الاستكشافية التي قام بها بنفسه، يضاف اليها والى مدى كبير، معلومات من مواد لم يسبق نشرها من كل من تقارير البعثات الاستكشافية، وتقارير المسوحات، الموجودة في سجلات دوائر الاثار في بغداد والموصل.
لم يكن علم الاثار جزءا من احلام صباه المبكر، وعلى الرغم من وجود واحدة من اعظم المدن التاريخية على الضفة الاخرى لنهر دجلة حيث تقع مدينة الموصل. حيث راقت حياة الطيار في القوة الجوية او قبطان احدى السفن لبهنام في بداية شبابه، وقد يعود سبب ذلك الى كون نينوى على مرمى بصره بشكل يومي. لكن لقاءه مع اثنين من الطلبة في بغداد واللذين كانا يدرسان التاريخ بحماسة عظيمة، دفعه الى تغيير رأيه. لحسن الحظ، اعجبته فكرة دراسة الاثار، وتخرج في حزيران من سنة 1955 بدرجة البكالوريوس من جامعة بغداد في علم الاثار. وكانت هذه الدرجة في ذلك الوقت كافية لان تضمن له وظيفة في الدائرة العامة للاثار.
اصبحت قدراته المميزة واضحة بسرعة لمدرائه في الدائرة العامة للاثار، وتم تشخيصه بسرعة كاحد علماء الاثار العراقيين الشباب الذين ينتظرهم مستقبل واعد. اول عمل ميداني له بعد تخرجه في 1955، تم تحت اشراف محمد علي مصطفى، والذي كان في ذلك الوقت واحدا من اكثر علماء الاثار الميدانيين كفاءة في العراق، والذي بسبب التزاماته العائلية، لم يتمكن من قبول منحة لاكمال دراسته في "معهد شيكاغو الشرقي[1]". عمل محمد علي في نيبور خلال الخمسينيات كعضو بارز في كادر بعثات استكشاف المعهد الشرقي، وقد كان هو من كلف بهنام ابو الصوف باول عمل ميداني له في موسم 1955، لتسجيل المواقع التي تم غمرها بمياه سد دوكان الذي كان يجري العمل على بنائه.
باسموسيان (تل في سهل رانيا)
في العام 1955 بدأ محمد علي برفقة بهنام بدأوا استكشافاتهم في موقع باسموسيان، وهو اكبر التلال في المنطقة التي سيتم غمرها لاحقا. في اخر كتبه، والذي اعاد فيه نشر كل بحوثه من مجلة "سومر"، المجلة الرسمية للدائرة العامة للاثار في بغداد، كتب بهنام في مقدمته: "على الرغم من حرارة الصيف الشديدة، وبعض المعوقات الاخرى، كحادثة الحريق في مخيم البعثة الاستكشافية، واستشراء وباء الجدري في قرية باسموسيان الكردية (المصدر الرئيسي للعمال) كانت هذه المشاريع المبكرة ناجحة". كان تل شيمشارة واحدا من التلال الكبيرة التي تم لاحقا استكشافها من قبل بعثة دانماركية (تدربت مع بعثة النمرود خلال موسم 1957) وواحدا من المواقع الكثيرة التي تم تسجيلها في ذلك الوقت من قبل علماء الاثار العراقيين في سجلات الدائرة العامة للاثار في بغداد (كانت التلال الخمسة التي اوصى بها العلماء العراقيون هي كاماريان، اد ديم، كاراشينا، باسموسيان، وشيمشارة، والاخير هو الذي استكشفته البعثة الدانماركية التي تدربت في النمرود).
اعادة الترميم في النمرود
، قررت الدائرة العامة للاثار عام 1956 اعادة ترميم وحماية الواجهة الشرقية لقاعة عرش اشورناصربال، ولاجل ذلك، ارسل المتحف البريطاني نسخة من واحدة من كثير من الالواح الصخرية التي حملها لاينارد. في الاعوام 1959 و1960 والتي تلت ثورة 1958، كان بهنام في موقع المسؤولية في عمله. في ذلك القوت قرر استكشاف قاعة العرش الكبير، وهو شيء كان مالون مترددا في القيام به. بعد قيامه بكل هذا العمل الميداني، عمد بهنام الى نشر عمله في مجلة "سومر" (العدد 19 سنة 1963). بالطبع منذ ذلك الوقت تم انجاز المزيد من الترميم، لحماية البناء القديم، لكن ايضا لغرض السياحة. وقد تم هذا العمل مؤخرا من قبل عدد من علماء الاثار العراقيين الشباب الذين لا يقلون كفاءة، وبالتحديد مزاحم محمد حسين[2] والذي قدم لنا كتابا ممتازا حول اضرحة نمرود، اضرحة لم يعش مالون ليتمكن من رؤيتها[3].
تل الصوّان وتل قالينج اغا
من اهم الاستكشافات التي قام بها بهنام خلال ستينات القرن المنصرم، مع عدد من علماء الاثار العراقيين الشباب (وليد ياسين، غانم وحيدة، ربيع القيسي، طارق النعيمي، خالد الادهمي، ياسين راشد). كان موقعا قديما، يقع على حافة المنحدر الشرقي لوادي نهر دجلة جنوب سامراء تماما. وكان من اهم معالمه، الابرز، والمميز جدا، والمتفرد، هو مقبرة قديمة ضمت تماثيل من المرمر في العديد من اضرحتها. تم استكشاف اكثر من 400 ضريح، وما يزال هناك الكثير منها لم يتم استكشافه. اكثر من 70% من الاضرحة كانت تضم اطفالا رضع، وبشكل غير اعتيادي، العديد منها ضم اشياء او اجساما مرمرية كانت مميزة للموقع. تم العثور على ما مجموعه 1,341 جسما مرمريا جميلا، كان 243 كمها صغير الحجم. هذه المقبرة المميزة التي تعود الى سبعة الاف سنة لا يوجد لها مثيل حتى الان. ما يزال تل الصوان من اهم المواقع التي تم استكشافها حديثا في العراق، وقد كان لبهنام دورا مميزا في استكشافها.
في بداية 1966 استكشف بهنام وبرفقة اسماعيل حجارة، المناطق المحيطة بتل كالينجي اغا والذي يقع في اطراف مدينة اربيل. تم تنفيذ ثلاثة مواسم استكشافية هناك، وهذا الموقع الان هو محمية مفتوحة لتجوال السياح والزوارالمحليين فيها. في السنة الماضية تم اصطحاب مجموعة من معهد كامبريدج ماكدونالد لتفحص الموقع. وبالتاكيد فانه من المتوقع ان تعود بعثات استكشافة اخرى لاجراء المزيد من الاستكشافات في المناطق المتعددة لهذا الموقع. الفخاريات المكتشفة فيه يبدو انها تعود الى الالفية الرابعة، بما في ذلك اواني حمراء وبنية. وقد كان ذلك محور اطروحة بهنام "دراسة في المصنوعات الفخارية في اوروك، اصولها وتوزيعها" وقد كانت هذه الدراسة عملا كبيرا غطى معلومات من الكثير من المواقع التي لم يتم نشرها سابقا، والتي تم تسجيلها في متحف الموصل.
بالتاكيد ان بهنام قد امضى وقتا طويلا بتفحص هذه السجلات الاثارية كجزء من تقديم اطروحته في كامبريدج.
لاحقا، اصبح بهنام شخصية معروفة جدا في بلده، ويعود ذلك بالدرجة الاساس الى كثرة ظهوره على التلفزيون والمحطات الاذاعية. كان صوته عميقا مؤثرا، كما كان ضخم البنية، مما ساعده على الظهور المتميز في البرامج المتلفزة والاذاعية. كان يلقي المحاضرات في علم الاثار، والثقافات القديمة، والتاريخ في كل من الجامعات العراقية و المعهد العربي للدراسات العليا. وقد تسنم العديد من المراكز. فقد كان رئيسا لنادي العلوية (النادي الانكليزي سابقا والذي تم تاميمه في 1958)، ورئيسا للمدرسة الدولية في بغداد، وقد كان احدى واجباته الاستثنائية، هو ان يعلم الدبلوماسيين كيف يتصرفون عند ذهابهم الى الخارج.
أخر مرة التقينا (ديفيد وأنا) مع بهنام كانت في 2001 عندما دعانا الى العشاء على طاولة في باحة نادي العلوية، وهو مكان اختاره بدقة ليكون بعيدا عن اي احتمال لوجود سماعات غير مرغوب فيها. كانت امسية لطيفة، ولم يكن وحده هناك، بل كان هناك اثنين من اصدقائنا القدامى، طارق مظلوم، وهو نحات رائع رافقنا في نمرود خلال الخمسينات، والذي اصبح لاحقا تلميذا لماكس مالون في لندن، والاخر هو عبد القادر التكريتي، والذي كان في ذلك الوقت شخصية مميزة في دائرة الاثار.
لم يغادر بهنام العراق الا قبل سنوات قليلة، وقد كان طبعا شخصية معروفة من قبل العراقيين في الاردن. عند موته كانت مبادرة لطيفة من قبل السفارة العراقية في الاردن، واشارة الى مكانته المميزة، ان تعرض على عائلته نقل جثمانه ليكون مثواه الاخير في بغداد، لكن الاغلبية من عائلته تسكن عمان حاليا وتمنوا ان يتمكنوا من الاستمرار في زيارة ضريحه. لكن كان رجلا ذو مكانة عظيمة. ونحن سوف نفتقده.
جوان اوتس
1963 |
المزيد من الاستكشافات في قصر اشور ناصر بال، سومر، 22، 66-68 |
1965 |
الاستكشافات في تل الصوان، التقرير التمهيدي الاول (1964)، سومر 21، 17-32، 1- 36. (مع فيصل الوائلي). |
1966 |
استكشافات قصيرة في تل قالينج اغا، سومر 22، 77-82 |
1967 |
تل قالينج اغا، سومر 23، 69-75 (مع شاه الصيواني) |
1968 |
استكشافات تل الصوان (الموسم الرابع)، سومر 24، 3-61 |
1969 |
استكشافات في تل قالينج اغا (اربيل)، سومر 25، 3-42 |
1970 |
تلال في سهل رانيا واستكشافات تل باسموسيان (1956)، سومر 26، 65-104 |
2012 |
30 عاما من الدراسات الاثارية. بهنام ابو الصوف. |
[1] قبل كل من فؤا سفر وطه باقر منحات معهد شيكاغو الشرقي، وبعد عودتهما الى بغداد، تسنماعن استحقاق مراكز عليا في الدائرة العامة للاثار.
[2] لسوء الحظ، خلال الحرب جرى وضع اهم عاجيات نمرود في خزانة مصرفية في شارع البنوك قرب دجلة. هذه المنطقة كانت من المناطق التي تعرضت الى قصف كثيف، وقد فتحت الخزانة وظلت معرضة للمطر ولمياه نهر دجلة. لكن الكارثة الكبرى كانت في غياب التيار الكهربائي بعد الحرب للسيطرة على جفاف الاجواء المحيطة بهذه التحف، والضرورية للحفاظ عليها. للاسف، هذا يعني ان اروع العاجيات او بعيارة اخرى، العاجيات التي تمت محاولة "حمايتها" بالخزانة المصرفية، اصبحت غير قابلة للترميم، على الرغم من الجهود الجبارة المبذولة لحمايتها.
[3] الحائط الذي ادرك مالوان خطر استكشافه لدرجة انه لم يثق حتى بنفسه للقيام بذلك (في ساحة القصر الشمالي الغربي)، تم استكشافه وبكفاءة عالية من قبل فريق عراقي. بكل اسف العديد من اللقى العاجية المميزة التي تم العثور عليها في ذلك الموقع لم تسلم من الحرب.
نبذة عن جوان اوتس
أعداد : عبدالسلام صبحي طه
أستاذة بريطانية في علم الآثار (وهي زوجة الاثاري المعروف د. ديفيد اوتس ) وسبق لها
العمل كمديرة للدراسات في علم الآثار والدراسات الشرقية في جامعة كيمبرج وتعمل حاليا في معهد مكدونالد للبحث الآثاري التابع للجامعة البريطانية العريقة نفسها، التي أسست عام 1209، وعملت مديرة التنقيبات في موقع تل براك في سورية حيث عملت منذ عام 1971 كما نقبت في العراق في تشوغا مامي ونفر ونمرود و هي معروفة بروحها العلمية وآرائها المنصفة في تاريخ العراق القديم, كما سبق لها التدريس في جامعة الموصل
.
من مؤلفاتها
بابل - تاريخ مصور 1986
نمرود، الكشف عن مدينة إمبراطورية آشورية"
Nimrud, An Assyrian Imperial City Revealed (2001)
مشاركة مع زوجها الدكتور ديفيد اوتس
نشوء الحضارة
The Rise of Civilization, Oxford, 1968
مشاركة مع زوجها الدكتور ديفيد اوتس
أستاذة بريطانية في علم الآثار (وهي زوجة الاثاري المعروف د. ديفيد اوتس ) وسبق لها

.
من مؤلفاتها
بابل - تاريخ مصور 1986
نمرود، الكشف عن مدينة إمبراطورية آشورية"
Nimrud, An Assyrian Imperial City Revealed (2001)
مشاركة مع زوجها الدكتور ديفيد اوتس
نشوء الحضارة
The Rise of Civilization, Oxford, 1968
مشاركة مع زوجها الدكتور ديفيد اوتس
Comments powered by CComment