أ. د. عامر عبدالله الجميلي

كلية الآثار/ جامعة الموصل/ العراق

       

يعدّ الاقليم⁽[1]⁾ من اهم اهتمامات الجغرافيين، ولكن هذا لا يقتصر على الجغرافيين وحدهم، وانما يشاركهم في ذلك الحكام الاداريون والاقتصاديون، فمفهوم الاقليم هو أية مساحة من الارض يتم تحديدها وعلى وفق معايير قياسية اظهرت تجانسها كما انها تمتلك خاصية التجاذب والالتئام التي جاءت من العلاقات المتطابقة ومن الظواهر المرتبطة مع بعضها البعض. ويتفق معظم الجغرافيين على ان الجغرافية الاقليمية هي لُبّ المعرفة الجغرافية⁽[2]⁾.

        وعند الحديث عن عناية العراقيين القدماء بهذا الحقل من حقول الجغرافية فاننا نجدهم ونتيجة للتوسع الذي طرأ على غزواتهم الكبيرة، قد اتسعت معرفتهم الجغرافية بالنسبة للبلاد المجاورة لهم وازداد هذا التوسع حتى وصل اقصاه في الالف الاول ق.م عندما امتدت دولتهم من شمال وجنوب غربي إيران شرقا حتى مصر غربا ومن أرمينيا وأذربيجان وآسيا الصغرى  شمالا حتى شمال جزيرة العرب  جنوبا. وقد تطلب الامر زيادة المعرفة بالبلاد المفتوحة لذلك فقد ركز العراقيون القدماء منذ المرحلة الاولى من مراحل نمو فكرهم الجغرافي على دراسة هذه الاقاليم وقد برز هذه العناية بصورة واضحة عندما وضعوا العديد من معاجم وقوائم الاسماء الجغرافية فضلا عن القيام بالعديد من الرحلات الى جانب قيامهم بمحاولة ايجاد نظم كالحكم اللامركزي احيانا لادارة تلك البلاد المفتوحة. وكان الفكر الجغرافي العراقي القديم قد اكد على دراسة الاقاليم لضرورات ادارية واقتصادية فقد تطلبت ادارة المملكة معرفة الظروف الطبيعية والبشرية لكل منطقة من المناطق الرئيسة التي تتكون منها المملكة

 

لمطالعة المقال كاملا ( أضغط هنا )

_____________________________________________________________________________________________________________________________________

 

([1]) اختلف اللغويون العرب في تأصيل كلمة اقاليم فقد حسبه الكثير منهم مثل ابن دريد (ينظر: جمهرة اللغة (مادة اقليم)) انها ليست عربية وذهب البعض الاخر مثل الازهري الى انها عربية وقيل في اشتقاقها انه سُمي اقليماً كانه مقلوم أي مقطوع من الاقليم الذي يتاخمه. ولكن الواقع ان اقرب تأصيل للكلمة انها من الكلمة اليونانية كليما Klima (كليماتوس) ومنها اللغات في الاوربية (Clime)، (Climate) على ان هذا الاصل بدوره يرجع في الاصل الى التراث اللغوي العراقي القديم وعلى وجه الخصوص من الكلمة السومرية كلام KALAM التي تعني كذلك: القطر والاقليم والبلاد (ولاسيما بلاد المتكلم)، واتخذ هذا المصطلح الملك السومري الشهير لوكال زاكيزي LUGAL ZAGIZI (منتصف الالف الثالث ق.م) لقباً، اذ لقّب نفسه ملك البلاد أو الاقليم وفي السومرية لوكال كلاما (LUGAL. KALAM. MA) ويعني بذلك ملك بلاد سومر واكد – الاجزاء الجنوبية والوسطى من العراق – (ينظر: باقر، طه: من تراثنا اللغوي القديم، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد ، 1980, ص 51 – 52.

([2]) فضيل ، عبد خليل والمشهداني ، إبراهيم عبد الجبار : الفكر الجغرافي ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، جامعة بغداد ، كلية التربية الأولى (ابن رشد) ، 1990 ، ص 30.