د.عامر عبد الله الجميلي

الحِسُّ الجُغرافيّ في اعمال الفنّان العراقيّ القديم

كتب بواسطة: Salam Taha. Posted in الاستاذ الدكتور عامر عبد الله الجميلي

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 

أ.د. عامر عبد الله الجميلي

كلية الآثار/جامعة الموصل/ العراق

 

المقدمة

          يبدو ان المعلومات والمفاهيم الجغرافية التي نقف عليها ونحن نقرأ حوليات الملوك العراقيين القدماء التي خلّدت في جزء من وقائعها حملاتهم على بلدان واصقاع شاسعة من الشرق الادنى القديم، قد عُزّزت بما يدعم روايتها ويوضح الجوانب من الصور السردية لتلك الحملات، يتضح ذلك من خلال العديد من الاعمال الفنية التي عثر عليها في مختلف المواقع الاثرية في بلاد الرافدين، والتي ضمت مشاهداً طبيعية وبيئات جغرافية متباينة توحي وتشير الى مسرح الحدث الذي شَهِد واقعة او معركة او سيطرة على منطقة معينة.

        وهذه الاعمال ان دلت على شيء فإنما تدل على توافق المعلومات الواردة في تلك الحملات مع رواية النص المسماري لحملة الملك، والتي اوردت ذكراً للعديد من المواقع الجغرافية التي مرت او حدثت فيها تلك الوقائع، فجاءت اعمال اولئك الفنانين، وهي مخلفات وادلة مادية لا يرقى اليها الشك او الطعن فيها، لتؤكد صحة تلك المعلومات ودقتها ولتعبر عن صدق تمثيلهم وابرازهم لتضاريس وبيئات مختلفة من المشاهد التي تظهر تسلسلاً لاحداث تلك الحملات، فضلا عن تمتع اولئك النحاتين الذين انجزوا تلك الاعمال بحس جغرافي عالٍ. حيث صاحب الفنان (النحات) الآشوري الحملات العسكرية وكان يقوم برسم مسودات ومخططات لتفاصيل المعارك، وعند عودته الى بلاد آشور يبدأ بنحت تلك المشاهد على المنحوتات او الالواح الجدارية في القصور الملكية، وقد وجدت مجاميع منها في مواقع آشورية مختلفة، نذكر منها الصفائح البرونزية التي كانت  تغلف الابواب الخشبية في منتجع يعود الى الملك شلمنصر الثالث في موقع (بلاوات) قرب قضاء الحمدانية، يظهر فيها احد النحاتين وهو ينحت على كتف جبل عند منابع نهر دجلة جنوب شرقي تركيا(*). ويبدو ان تواجدهم ومرافقتهم للحملة فيما يبدو هو لأخذ الانطباع حقيقي لاجواء المناطق وساحة المعركة التي وقفوا عليها ميدانيا، والمناطق والطرق التي مرت بها الحملة، فاستطاع اولئك الفنانون فيما بعد توظيف عناصر الطبيعة ومفرداتها وموارد البيئة وبشكل يدعو للدهشة، كالجبال والانهار والوديان والعيون والشلالات والاهوار والمستنقعات والنجوم والغابات وانواع الاشجار والطيور والاسماك وغيرها وابرازها في العمل الفني لاعطائها بعداً تصويرياً لاجواء الحدث ومكانه مراعين في الوقت نفسه بعض قواعد النحت كالتوازن والحركة والتجسيد بينما غاب المنظور والنسب والمقاييس في تمثيل بعض هذه العناصر. ولعلهم كانوا يضعون تصاميماً اولية وملاحظات لتلك المشاهد، ويبدو ان هذا الامر كان يتم بالتعاون والتنسيق مع الكتبة الملكيين الذين هم بدورهم كانوا يضعون نسخا اولية، اذ كانوا لابد ان يكتبوا او ينقشوا (يضعوا تخطيطاً) للنص او المشهد على لوح من الطين اولا ثم يقومون فيما بعد بتنفيذه ونقله على المسلة او التمثال او المنحوتة في العواصم بعد عودتهم من الحملة، تماما كما يفعل النحاتون اليوم عندما يريدون نحت تمثال او نصب ذي تفاصيل كثيرة وحجم كبير إذ يقوم الفنان بعمل أنموذج المصغر على الطين ومن ثم يتم تكبير العمل بالحجم المطلوب. وقد عثر فعلاً على الواح من الطين من عهد الملك اشور بانِ أبلِ (آشوربانيبال) (669 – 626 ق.م) عليها مخططات لمنحوتات بارزة واخرى عليها كتابات اريد نقلها الى المنحوتة. وكان هذا النوع من النماذج والنسخ الطينية يطلق عليها بالاكدية(نِسخُ شَ طيطِ
nisèu šá ÷i÷i)([1]).

 لمطالعة البحث كاملا ( أضغط هنا )

_____________________________________________________________________________

(*)مظلوم، طارق: الفنان الآشوري يرافق الحملات العسكرية، بحوث آثار حوض سد صدام وبحوث اخرى، بغداد، 1987، ص 248.

([1]) سليمان، عامر: اللغة الاكدية، دار الكتب للطباعة والنشر ، الموصل ، 1991، ص152.

Comments powered by CComment

Lock full review www.8betting.co.uk 888 Bookmaker