الحساب و نظام الاعداد في بلاد النهرين
03/11/2009 06:00 AM
أعداد : عبدالسلام صبحي طه
يعتبرالانجاز الذي حققه العراقيون القدماء من جهة تطوير علوم الرياضيات والحساب بالاضافة الى اسهاماتهم المجيدة في اطار نظام الاعداد بمنزلة حجر زاوية في علوم الفلك وما تلاها من تطور علمي شامل.
تمكّن سكان العراق القديم في العصور التاريخية المتعاقبة لحضارته المجيدة من تطوير نظام معقّد للقياسات حيث كان نظام الأرقام البابلي مختلفاً عما نحن عليه اليوم باعتماده نظاماً ستينياً (على أساس العدد ٦٠ وليس على أساس العدد ١٠). يعتبر هذا النظام مشابهاً لطريقتنا الحالية في حساب الوقت حيث تساوي الساعة الواحدة ٦٠ دقيقة، علماً بأن قياس الوقت هو من أهم ما خلّفته لنا حضارة بلاد الرافدين. لم يكن الصفر مستخدماً في تلك الحقبة للدلالة على غياب العدد وإنما ظهر في بلاد النهرين في الحقبة الهلنستية.
كيفية العدّ في النظام الستيني (على أساس العدد ٦٠)
كانت الأرقام تكتب باستخدام رمزين متحدين، الوحدة على شكل مسمار عمودي والعشرة على شكل مسمار مائل (أو معقوفة). وهكذا، كان الرقم ١ يكتب على شكل مسمار عمودي والرقم ٢ على شكل مسمارين عموديين والرقم ٣ على شكل ثلاثة مسامير وهكذا دواليك وصولاً إلى الرقم ٩. أما الرموز التي تدل على العشر، فكانت تضاف إلى بعضها البعض بالطريقة نفسها. لدى الوصول إلى الرقم ٦٠، لا يرسم الكاتب ٦ مسامير مائلة وإنما مسماراً واحداً عمودي الشكل للدلالة على الوحدة. لذا، كان المسمار العمودي يدل إما على الرقم ١، أو على الرقم ٦٠ وذلك حسب موضعه في كتابة العدد.
عمليات الحساب
لقياس المساحة، قام سكان بلاد النهرين بضرب الطول بالعرض كما نفعل حالياً. لكنهم كانوا يستخدمون قياسا آخر للمساحة يُحسب وفقاً للسعة بالبذور التي قد تنتجها الأرض في حال تمت زراعتها. للحصول على هذا العدد، يتم ضرب المساحة بمعامِل يحدد كمية البذور حسب الوحدة المساحية.
الرياضيات والحساب العددي
(1) الرياضيات
منذ نحو الالف الرابع ق.م، تمكن العراقيون القدماء بدءا بالسومريين من تطوير نظام معقد للقياسات. حيث كتبوا جداول الضرب على ألواح طينية، وتعاملوا مع مسائل وتمارين للقسمة والهندسة.
(2) رياضيات بابلية قديمة (2000-1600 ق م)
تنسب معظم الألواح الطينية في الرياضيات لبلاد النهرين إلى العهد البابلي القديم، وهذا هو السبب في أن التسمية العامة لرياضيات بلاد النهرين تسمى بالرياضيات البابلية. وتحوي بعض اللوحات الطينية قوائم وجداول رياضية، وأخرى تحوي مسائل في الرياضيات وحلولها.
2.1 الأرقام البابلية
كان نظام الأرقام البابلية في الرياضيات نظاما ستينيا، (على أساس العدد 60). ومن هذا النظام أخذنا الاستعمال الحديث بأن الدقيقة ستون ثانية، وفي الساعة ستون دقيقة، وفي الدائرة ثلاثمائة وستون درجة (60 في 6) وتمكن البابليون من تحقيق تقدم كبير في علم الرياضيات لسببين، أولهما أن الرقم 60 هو رقم عالي التركيب، يمكن أن يقسم على: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 10، 12، 15، 20، 30 و 60؛ وهو ما يسهل الحسابات وأجزائها. يضاف إلى ذلك أنهم، بخلاف المصريين والرومان، فقد توصل البلبليون والهنود من وضع نظام حقيقي لقيمة موضع الأعداد، حيث تمثل الأعداد التي على جهة اليسار أقياما أكبر (يشبه كثيرا ما في نظامنا العشري الأساسي: 734= 7X 100 + 3 X 10 + 4 X1). فكان البابليون روادا في هذا المجال.
(صورة لوحين فيهما عقد بيع حقول. نحو 2600-2500 ق م) اشتريتا في نيويوركعام 1943. 
2.2 مفهوم الصفر الحسابي
في منتصف الألف الثاني ق.م كان للرياضيات زمن البابليين نظاما ستينيا متقدما في مواضع الأعداد. إن الافتقار إلى قيمة موضع الصفر قد تم العبير عنه بفاصلة بين الأرقام الستينية. وعند سنة 300 ق م استعملت علامة تنقيط عددي (برمز مسمارين مائلين) كعلامة فاصلة في النظام البابلي نفسه. وفي لوحة اكتشفت في كيش (تاريخها حوالي 700 ق م) كتب الناسخ بيل- بان- ابلو أصفاره بثلاث معقوفات بدلا من مسمارين مائلين.
لم يكن رمز الموضع المكاني البابلي صفرا حقيقيا لأنه لم يكن مستعملا لوحده. كما لم يكن يستعمل في نهاية العدد. بذلك كانت الأرقام 2 و 120 (60X 2)، و 3 و 180 (60X 3) و 4 و 240 (60X4) تبدو بنفس الشكل لأن الأرقام الأكبر كانت تفتقر إلى موضع صفر ستسنس. ولم يكن التفريق بينهم إلا من خلال سياق الموضوع.
قد يتصور أحد بأنه طالما وجد نظام عددي فيه رمز لقيمة الموضع فإن وجود الصفر كرمز لمكان فارغ سيكون فكرة ضرورية، لكن كان لدى البابليين نظام رقمي فيه رمز لقيمة المكان بدون هذه الصفة لمدة أكثر من ألف سنة. يضاف إلى ذلك فليس هناك أي دليل بأن البابليين شعروا بان هتاك مشكلة تتعلق بالغموض الذي كان موجودا. ومن الملفت للانتباه أن هناك ألواح أصيلة بقيت من عهد علماء الرياضيات البابلين. كتب البابليون نصوصهم بالخط المسماري على لوحات طينية غير مطبوخة. نقشوا الرموز الخطية بأقلام قصب كبسوا بها على ألواح الطين بالحافة المائلة لأقلام القصب فكان للموز شكل المسامير، (ومن ذلك الاسم الكتاية المسمارية). وبقيت ألواح طينية من سنة 1700 ق م، ونتمكن من قرائة نصوصها الأصلية. وبطبيعة الحال فإن أشكال الأرقام كانت مختلفة عما نحن عليه (لم تكن على قاعدة العدد 10، بل العدد 60). غير أن ترجمتها إلى نظامنا الرقمي فبن يمون من الممكن التمييز بين العدين 2106 و216 (كان على سياق الموضوع أن يشير إلى أيهما هو المقصود). ولم يتم الأمر إلا حوالي سنة 400 عندما وضع البابليون رمزا من مسمارين في الموضع الذي نضع فيه الصفر للإشارة إلى ما نعنيه: 216 أو 6"12.
وعلى كل حال، فلم يكن المسمار هو الرمز الوحيد الذي استعملوه، فقد وجد في كيش، وهي مدينة قديمة في بلاد النهرين، تقع إلى الشرق من مدينة بابل في جنوب العراق، أن هناك نظاما مختلفا قيد الاستعمال. وفي هذه اللوحة، والتي يعتقد أن تاريخها يعود لسنة 700 ق م، استعمل رمز من ثلاثة معقوفات ليشير إلى موقع القيمة الفارغة. وفي لوح آخر يعتقد أنه بنفس التاريخ استعمل فيه رمز معقوف واحد لموقع القيمة الفارغة. وهناك صفة واحدة مشتركة بين الرموز المستعملة لهذا الغرض وهي أنها لم تكن تأتي في هذه المجموعة العددية، بل كانت تأتي دائما بين الأعداد.
2.3 علاقات المثلثات الهندسية البابلية 1800 ق.م و نظرية الهندسة الاقليدية اللاحقة
الى اليسار يظهر رقيم هندسي من موقع تل حرمل ( قرب مدينة بغداد ) تم اكتشافه من قبل الاثاري العراقي الاستاذ طه باقر في عام 1949 في منطقة تل حرمل التي تعد موطن اقدم مدرسة في مدينة ( شادوبوم ) وفي هذا اللوح يظهر من الجلي ان البابليون الاوائل ( بابل القديمة بحدود 1800 ق.م ) كانت متقدمة جدا في رقيها العلمي وانجازها الحضاري ) وبذا سيبق هذا الكشف النظرية المنسوبة الى العالم اليوناني اقليدس بنحو 1500 سنة.
2.4 الأرقام

اللوح البابلي بمبلتين 322
في اللوح الطيني الظاهر،الذي جرى اكتشافه في جنوب العراق، والمعروف بالاسم بلمبتن 322 ، وهو لوح مهشم جزئيا يبلغ عرضه 13 سم وارتفاعه 9 سم وسمكه 2 سم. اشترى الناشر الأميركي بلمبتن من نيويورك هذه اللوحة من تاجر آثار اسمه آدغار جَي بانكس حوالي سنة 1922، وأوصى بها مع بقية مقتنياته إلى جامعة كولومبيا منتصف ثلاثينيات القون الماضي،. واستنادا إلى بانكس فإن هذه اللوحة جاءت من مدينة سنكره، وهو موقع في جنوب العراق يعود للمدينة القديمة لارسا.
يعتقد بأن اللوح يرقى الى حوالي 1800 ق م، استنادا لأسلوب كتابته . وكتب روبسن (2002) "إن أسلوب هذا الخط هو نموذج من خطوط الوثائق التي من جنوب العراق منذ 4000-3500 سنوات مضت." واستنادا لتشابه أسلوبي مع ألواح أخرى من لارسا فيها تواريخ صريحة كتبت عليها فيمكن تقدير تاريخ بلمبتن 322 إلى الفترة ما بين 1822 و 1784 ق م. ويبين روبسن بأن اللوحة بلمبتن 322 قد كتبت بالشكل نفسه الذي به كتبت به الوثائق الإدارية، وليس الوثائق الرياضية في تلك الفترة.
إن المحتوى الرئيس للوحة بلمبتن 322 هو جدول من الأرقام، بأربعة أعمدة وخمسة سطور، كتبت بالنظام الستيني البابلي. والعمود الرابع مجرد صف من الأرقام، بالتسلسل من 1 إلى 15. والعمودان الثاني والثالث واضحان تماما في اللوح الباقي. لكن حافة العمود الأول كانت مكسورة وهناك احتمالان عما يمكن أن تكون عليه الأرقام المفقودة؛ والتي تختلف فيما بينها فقط فيما إذا كان كل عدد يبدأ برقم إضافي يساوي 1. من الممكن أن الأعمدة الإضافية كانت مبينة في الأقسام المكسورة من اللوح إلى اليسار من هذه الأعمدة. إن تحويل هذه الأرقام من النظام الستيني إلى النظام العشري يثير أمورا مبهمة أكثر، لأن النظام الستيني البابلي لا يحدد قيمة الأرقام الأولى من كل عدد.
2.5 الهندســـة
قد يكون البابليون عرفوا القواعد العامة لقياس المساحات والحجوم. فقد قاسوا محيط الدائرة بأنه ثلاث مرات قطرها، ومساحتها واحد من اثني عشر قيمة مربع المحيط، وهي نتائج تعد صحيحة إذا أعتبرت قيمة النسبة الثابتة(π) تساوي 3. وأخذ حجم الاسطوانة بأنه ناتج ضرب مساحة القاعدة في الارتفاع. غير أن حجم المخروط أو الهرم قد أخطأوا به بأنه حاصل ضرب الارتفاع في نصف مجموع القاعدة.
وقد عرف البابليون نظرية فيثاغورس أيضا. كما ظهر اكتشاف حديث هو لوح اعتبرت فيه النسبة الثايتة بأنها 4 و ثمن. كما عرف عن البابليين استعمالهم الميل البابلي وهو مقياس للمسافة يساوي سبعة أميال حديثة. إن هذا القياس للمسافة تحول عندهم إلى وقت- ميل واستعملوه لقياس حركة الشمس، فيمثل بذلك عنصر لزمن. ولقرون طويلة كان البابليون عاى علم بنظريات النسبة بين أضلاع المثلث، لكنهم لم يملكوا مفهوم قياس الزاوية، ونتيجة لذلك درسوا أضلاع المثلث بدلا عن ذلك.
واحتفظ علماء الفلك البابليون بتسجيلات تفصيلية عن بزوغ وغياب النجوم, وحركة الأجرام السماوية، وكسوف الشمس وخسوف القمر، والتي جميعها كانت بحاجة لمعرفة حساب المسافات
بالزوايا التي حسبوها بواسطة الفلك. كما أنهم اسنعملوا شكلا من التحليل الفوريريFourier Analysis وهو جدول لحساب مواقع الأجرام السماوية والذي اكتشف سنة 1950 من قبل العالم أوتو نيوﮔباور.

يتضمن هذه اللوح المسماري من بلاد بابل، والمؤرخة من الألفية الثانية ق. م.، النصوص والحلول الخاصة بحوالي عشرين معادلة من الدرجة الثانية

لوحة رياضي مدرسي
تتضمن هذه اللوحة المدرسية الاستثنائية المؤرخة من الألفية الثانية ق. م.، تمريناً رياضياَ وحساب طول الخط المائل في مربّع. تم تدوين طول جانب المربع في أعلى اللوحة من الناحية الشمالية. قام التلميذ بضرب هذا الرقم برقم تقريبي عالي الدقة لجذر الرقم ٢ (الرقم الأول المدون على طول الخط المائل) ثم دوّن النتيجة (الرقم الثاني تحت الخط المائل).
مجموعة بابل في جامعة ييل البابلية، YBC ٧٢٨٩.
مجموعة بابل في جامعة ييل
.
التعليقات ومساهمات الزوار
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. {IP: 37.236.136.61}
|
4/12/2015 6:23:28 AM |
ان لم تكن حضارة وادي الرافدين الجذور الاولى لبذرة ذكاء الانسان المعاصر وما وصل الية فهي التاريخ الذي لا يمكن تجاوزة حين نستقرء تاريخ العلوم والقوانين بما وجد من اطلال تلك الحضارة البعيدة الرائعة في شتى ميادين العلم والحياة في تاريخ ذكاء وتمدن الانسان ولا نستغرب ان بين طيات حضارتنا القديمة ترك اسلافنا علوم سبقت نضريات وعلماء وعلوم من جاء بعدهم بالاف السنين حين ننضر الى اول بطارية وجدت صناعتها في بابل قبل 2000ق م وكذلك العجلة اوالدولاب الذي ساهم في تسارع بناء الحضارات بشكل ملحوض وجدت في سومر 5000 ق م وكذلك النضام الستيني الذي يرتكز علية حسابنا للوقت وجد في سومر 3000ق م وهذه امثلة وللباحث ان يجد الكثير والكثير فيما يخص اصل العلوم والقوانين التي اكتشفها ووثقها انسان وادي الرافدين مدعومة بادلة تركها قبل الاف السنين المنسييه قد نفهم منها اليسير كمثل حاجتة للبطارية انذاك ما اريد ان اطرحة للدكتور الفاضل بهنام وللقارئ الكريم ان الصفرالحسابي بمفهومه العلمي هو عدد حيث انه قد يقلب معادلة رياضية لا يمكن ان نجد لها حلا او قد يكون وجودة ضمن موازنة لدولة هو ازدهار او انهيار لقتصادها او وجودة في حساب مسافة قد يكون بعد او قرب بسنين من السنوات الضوئية اما اذا اخذنا الصفر بمفهومه الفطري البسيط فيكون دلالة للاشيء هل السومريون عندما دونوا الصفر بمسمارين مائلين كانوا قد توصلوا لربطة بالاعداد بشكل لم يتم فهم طريقة وجودة في حسابهم ام كان مجرد فاصلة بين الارقام ام كون وجودة كان بمفهومه الفطري البسيط واعتقد ان وجودة بهذه الصورة لا يتناسب مع ما وصلوا الية من المعرفة والعلم بالحساب. ارجو ان تستمروا بجهودكم المشكورة في البحث والاستقراء لتلك الحضارة وان تتحفوا المستقبل بماضينا العريق وشكرا
|
 |
 |
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. {IP: 118.92.1.26} |
7/19/2015 5:16:03 PM |
سكنةُ وادي الـرافدين روادُ الرياضيات مـراجعة الدكتور ثائـر البـياتي صدر كتاب باللغة الإنكليـزية للدكتور ريمون نجيب شكوري تحت عنوان: "Mesopotamians: Pioneers of Mathematics :أي : "سكنة وادي الـرافديـن: رواد الرياضيات" يقع الكتاب بـِ 216 صفحة مـن النوع المتوسط ويحتوي على أحد عشـر فصلاً وملحقيـن إثنيـن أولهما يتناول بعض الأمور الـرياضياتية وثانيهما يحوي على خط - زمـني تاريخيٍ للحضارات القديمة لوادي الـرافديـن. و يمكـن شـراء الكتاب عـن طريق الإنترنيت مـن موقع الأمازون. ** عـَرفتُ المؤلف الدكتور ريمون نجيب شكوري قبـل واحد وأربعيـن عاماً كأستاذٍ لي عندما دخلتُ كلية العلوم في جامعة بغداد لدراسة الرياضيات. وقد كان مـن الأساتذة اللامعين في الرياضيات، متذوقا ً لنظرياتها وملماً بِفلسفاتها وبِتاريخ تطورها. وكان مـن عادته عَرْضَ الموضوع الذي يـُدَّرسه بسياقهِ التاريخي التطوري والفلسفي وبشكـل ممتع. والجديـرٌ بِالذِكـْـر أن الدكتور ريمون هو أحدُ مئةٍ شخصية مسيحية مؤثـرة في عـراق القـرن العشـريـن وِفقَ تقـريـر أعدَّه المؤرخُ والمفكِّـر الدكتور سيّار الجميـل بِعنوان " المسيحيون العـراقيون : وقفةٌ تاريخية عند أدوارِهم الوطنية والحضارية، ونشـره في الحوار المتمدن ــ العدد 1019 ــ بِتاريخ 16 تشـريـن الثاني 2004. واليوم وبعد قـرابة نصف قـرن على تدريسه مختلف مواضيع الـرياضيات في جامعة بغداد وجامعات عـربية وأمريكية ومـُعايشتهِ لها ومتابعاته وأشـرافه على بحوث طلبة الدراسات العليا أطـل علينا في كتابه الجديد المذكور أعلاه، عارضا ً فيه بشكلٍ سلسـلٍ كثيـراً من الأفكار والمفاهيم والأساليب الـرياضياتية الأساسية التي إبتكـرها قدامى سكنة وادي الـرافديـن واضعيـن اللبنات الأولى للـرياضيات كي تغدو لاحقاً لغةَ العلومِ وخادمتَـها وملكتَـها في آن واحد. إن كتاب "Mesopotamians: Pioneers of Mathematics" ليس بِكتابٍ تاريخي بحت ولا رياضياتي بحت كما قد يوحي عنوانه. إنما هو عـرضٌ شيقٌ وممتعٌ وكأنه مجـرد تناقـلٌ لأطـراف أحاديث عمّا قدمه سكنة وادي الـرافديـن مـن مساهمات أساسية في علم الـرياضيات قبـل أكثر من أربعة ألآف عام. إضافة الى هذا فهو زاخـر بكثيـر مـن الأمور الجانبية والطـريفة.يذكـر المؤلف أنه قد تمّ حتى الآن إكتشاف أكثـر مـن مليون لوحة طينية في بلاد ما بـيـن النهريـن ( أي العـراق حالياً) ويسميها مجازاً "أقـراص CD الميسوتومية" لأنها تحاكي وظيفـياً أقـراص ال CD المتداولة في يومنا هذا إذ أنها تحتوي ــ كمثيلاتها الحالية ــ على معلوماتٍ مخـزونة. أما تلك الألواح فتحتوي على معلومات قَيّمة نُقِشتْ بِالخط المسماري تناولتْ ـ إضافة الى الـرياضيات ـ مختلفَ نواحي الحياة في حضارة وادي الـرافديـن مـن أدبٍ وملاحمَ قصصية وقوانيـنَ وقواميسَ وطبٍ وفلكٍ وصلواتٍ ومـراسلاتٍ خاصة وتوثيقاتٍ لِزواجاتٍ وطلاقاتٍ وحتى وصفاتِ لطهي الأطعمة وعلى غيـرها مـن أمور الحياة. يُـركِّـزالكتاب بِصورةٍ رئيسية على الجوانبَ الـرياضياتية مـن حضارة وادي الـرافديـن. تُظهـر تلك الألواح الطينية التي تنقـل معلومات رياضياتية أن مساهماتِ الحضارة الـرافدينييـة ذات مستوٍ عالٍ شكّلتْ عوامـل مؤثـرة على المسيـرة العلمية في الأزمنة القديمة والحديثة.أيضاً >>>> تُظهـر الألواح الطينية الإهتمام الكبيـر الذي يُوليه سكنةُ وادي الـرافديـن بِإنشاء الجداول الحسابية. إذ أن هنالك لوحات مختلفة تحوي جداولَ لِعمليات جمع الأعداد وضـربها وتـربيعها وتكعيبها، وجداول لمعكوس الأعداد ولِحساب الـربح المـركب وغيـرها مـن الأمور. ومـن الجديـر بِالذكـر أن القسمة الطويلة كانت تُجـرى بِالإستعانة بِجداول معكوس الأعداد. إضافة الى ذلك فقد كانت تلك الجداول تُستخدم في حــلِ مختلف المسائـل الحسابية والتطبيقية الناشئة مـن الحياة العملية. >>>> ولم تقتصـر أنشطةُ الـرافدينيـيـن على العمليات الحسابية فقط بـل إمتدتْ بصورة طبيعية الى الجبـر. فإستطاع الـرافدينييـون حـلَّ أنواعٍ مـن المسائـل الجبـرية كالمعادلات مـن الدرجة الأولى ومـن الدرجة الثانية وحتى بعض المعادلات مـن الدرجة الثالثة كما أستطاعوا حـل المعادلات الآنية. إضافة الى هذا فقد تناولوا مجموع المتتاليات المنتهية. وتدل طـرائق معالجاتهم لهذه المسائـل على بـراعة وفهم عميقيـن وذكاءٍ بالغ. >>>> وقد بـرع الـرافدينييون أيضاً بِالمفاهيم الهندسية وبِعلم المثلثاث وبِإيجاد مساحات الأشكال الهندسية منها الدائـرة وحجوم الأشكال لإن كل هذه الأمور تتطلبها إنشاءات المباني الشاهقة كالـزقورات والمعابد وإقامة السواتـر التـرابية وشق القنوات . >>>> وقد حـرص الدكتور ريمون أن يكون مستوى عـرضه للمفاهيم الـرياضياتية في متـناول خـريجي المـرحلة الإعدادية فيما عدا ما جاء في بعض هوامش الكتاب وفي أحد الملاحق عند نهايته. وعلى كل حال يستطيع القارئ الذي نسي ما تعلمه مِـن رياضياتِ تلك المـرحلة أن يتجاوزَ المواقع التي يعتبـرها صعبة أومنسية وأن يستمـر في متابعة القـراءة دون أن يفقد كثيـراَ. >>>> وقد وضع الدكتور ريمون عدداً مـن القصصِ الـروائية التوضيحية الغـرض منها عـرض تصوراته عـن الكيفية التي توَصّل بها أولئك الأقدمون الى الإنجازات الـرياضياتية ذات المستوى العالي. >>>> يعـرض المؤلف بعض المفاهيم والنظـريات الأساسية في الـرياضيات التي يعتبـرها الغـرب مـن انجازات الإغـريق، غيـر أنها في الحقيقة قد نشأتْ وتطورتْ في وادي الرافديـن قبـل أكثـر مـن ألف عام مـن تداولها في الحضارة الإغـريقية. فعلى سبيـل المثال: إن النظـرية المشهورة المعـروفة اليوم بـِنظـرية فيثاغورس ــ التي تـنص على أن مجموع مساحة المـربعيـن المنشأيـن على ضلعي أي مثلث قائم الزاوية يساوي مساحة المـربع المنشأ على وتـره ــ كانت معـروفة لدى سكنة وادي الـرافديـن وكانت تُستعمـل في الأعمال الإنشائية والمساحية وربما كان قد بـرهـن عليها رياضياتو أو كهنة وادي الـرافديـن. ويعـرض الكتاب قصة خيالية يُـروى فيها حدس الدكتور ريمون عـن أسلوبٍ ممكـن للبـرهـنة عليها مـن قِبـَلِ الـرافدينيـيـن. >>>> كما أنه يـروي مـن خلال رواية خيالية أُخـرى تصوره للكيفية التي إكتشف بها تجارٌ مـزارعون مـن وادي الـرافديـن نظامَ التـرقيمِ المكاني. وهو النظام نفسه الذي يُستعمـل اليوم في كـل أنحاء الأرض لِتـرميـز الأعداد مع شيءٍ مـن تحويـرٍ بسيط هو أن نظامَنا عَشـري الأساس بينما نظامهم ستيني الأساس إضافة الى أننا نستعمل رمـزاً صـريحاً للصفـر بينما كانوا يتـركون فـراغاً للدلالة على الصفـر فمثلاً لِغـرض التعبيـر عـن 2011 كانوا يكتبون 2 ثم يتـركون فـراغاً يليه 11. >>>> في الوقت الذي يقـر الدكتور ريمون بأن وضْعَ فـراغٍ للددلالة على الصفـر يؤدي الى إلتباسات غيـر أنه يخالف رأي بعض المؤرخيـن عـن جهـل الـرافدينيـيـن لمفهوم الصفـر إذ يَعتقد أنهم كانوا يتعاملون معه حسابياً بِدقة لكـن كانت تتملكهم ــ على ما يبدو ــ عقدة نفسية - فلسفية تعيقهم مـن تـرميـزيهم للصفـر ألا وهي أنه مـن غيـر المعقول والمقبول تمثيـل اللاشيء (وهو الصفـر) بِـرمزٍ صـريح (وهو شيء). >>>> ويحوي الكتاب فصلاً كاملاً عـن اللوحة الطينية المسماة Plimpton 322 المحفوظة في جامعة كولومبيا. تكشف تلك اللوحة عـن نتيجة رياضياتية مذهلة وهي جدول جـزئي لما يُعـرف اليوم بِثلاثيات فيثاغورس والتي يعـزي الغـربيون إكتشافها الى الـرياضياتي الإغـريقي ديوفونطس الذي كان يعيش في إسكندريةَ مصـر خلال القــرن الثالث الميلادي بينما عمـر اللوحة المذكورة يسبق الحضارة الإغـريقية بألفي عام. >>>> في الفصـل الخامس مـن الكتاب يأخذ المؤلفُ القاريءَ معـرِّجاً به خارج وادي الـرافديـن في جولةٍ زمانية حول العالَم بِصحبة الصفـر متوقفاً خلالها بعض الوقت عند كـلٍ مـن الهند ومصـر وبلاد اليونان والبلاد العـربية الإسلامية وأوربا القـرون الوسطى وحتى أمـريكا الوسطى قبـل إكتشافها وشارحاً عند كـلٍ منها بِإختصارشديد بعض التطورات الـرياضياتية التي حدثتْ فيها وخاصةً فيما يتعلق بِالصفـر. فيكتشف القاريءُ أن الإغـريـق أيضاً كانت تتملكهم عقدةٌ نفسية ـ فلسفية جعلتهم يأنفون مـن التعامل بِالأعداد والجبـر فإتجهوا بِكـل قواهم العقلية نحو الهندسة فقط وذلك بِسبب إفـلاس الفلسفة الفيثاغورية. وربما يمتلك الضحكُ القاريءَ حيـن يجد أوربا القـرون الوسطى متمسكةً بِإستعمال الحـروف الأبجدية اليونانية أو الـرومانية لتـرميـز الأعداد وممتنعةً عـن تبني الأعداد العـربية بِحجة أنها " أعدادٌ كافـرةٌ " وافدةٌ مـن البلاد العربية الإسلامية. وتنتهي الـرحلة الطويلة عند الـزمـن الـراهـن منبهاً الى سوء فهم وسوء إستعمالات للصفـر ويقف الدكتور ريمون واعظاً بِعبارة : "لا تقسم على الصفر" وكأنها وصية إلاهية ويبـرهن عليها بِبـرهان بسيط يمكـن أن يفهمه ختى تلميذ الإبتدائية. >>>> أما الفصل الأخيـر في الكتاب فيعـرِّج المؤلف الى موضوع ثانٍ مـن أهم مساهمات الحضارة الـرافدينية ألا وهو الفلك. إذ تـرك سكنة وادي الـرافديـن معلومات متراكمة هائلة لـرصدهم الفلكي لحـركة النجوم والكواكب من دون استخدام التلسكوبات، شملت جداول وبيانات متواصلة لأكثـر من ألف عام، كانت أساسا متينا لبحوث علماء وفلكيي الإغـريق اللاحقيـن. وقد تمكن البابليون من تحديد وحساب وقت وقوع الخسوف والكسوف بدقة. >>>> وقبـل آن أنهي مـراجعتي للكتاب أود تسجيـل ملاحظتيـن عليه على الـرغم مـن أنهما لا يقللان مـن أهميته ولا قيمته العلمية. فقد كنتُ أتمنى أن يطـرح الدكتور ريمون في الفصـل الأخيـر مـن كتابه معلوماتٍ أوفـر عـن المساهمات الفلكية للـرافدينيـيـن، فقد جاء فصـل الفلك موجـزاً. كما كنتُ أتمنى أن يكون الملحقُ التاريخي الذي يحوي الخط الـزمني التاريخي أكثـر إتساعاً مما هو عليه الآن. >>>> أعتقد بِثقةٍ أن على كـل مثقف أن يُلمَ بِتاريخ مساهمات الأقدميـن الذيـن أنشأوا مهد الحضارة. وأن هذا الكتاب يثـري كـل راغب في الإستـزادة بِالمعـرفة العلمية والتاريخية ولهذا فإني أوصي كـل المثقفيـن وبصورة خاصة أولئك المنحدريـن أصلاً مـن قدامى الرافدينيـيـن بِقـراءة ودراسة كتاب: >>>> "Mesopotamians: Pioneers of Mathematics |
|
 |
 |
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. {IP: 203.173.214.152} |
4/7/2015 4:22:04 AM |
(( بحق كانوا أسياد العالم )) المكان برلين الزمان عام 1964 انه رجل الماني كبير في السن يعد واحد من أهم علماء الرياضيات في المانيا الجملة التي قالها وهو مذهول بعد أن وقف على ذلك الرقيم الرافديني أكثر من ساعة ( بحق كانوا أسياد العالم ) بعد أن رأى ذلك الرقيم في المعرض العراقي للاثار الذي أقيم في المانيا لفت انتباهه أمر ليس بالحسبان فهو كان يضن بأن الغرب هم أسياد العالم في علم الرياضيات وأذ به يتفاجأ برقيم طيني وضعت به نظرية فيثاغورس بأقدم من 1500 عام نعم انه رقيم اكتشفة الاستاذ الكبير طه باقر في شتاء عام 1949 في موقع تل حرمل بعد أن أخرجه بأيدية تفاجأ وانذهل لما رئاه وكأن برقا اصابه ماذا يرى وأي علما متطورا ونظريات دقيقة بعلم الرياضيات وضعت ردحها على رقيم الطين هذا حيث أسس هذا الرقيم على ان التطور العلمي في ذلك الزمن من تاريخ العراق القديم كان على مستوى لايعقل أن يكون وهذه المئات الالاف من الرقم دلت على الاف النضريات العلمية في الهندسة والري والفلك والجغرافية والطب والزراعة استفاد منها الغرب كثيرا طبق بعثها وأخفى الكثير منها . |
|
 |
 |
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. {IP: 37.239.64.10} |
11/24/2016 1:29:58 AM |
موضوع جيد، لكن ممكن عرض الية عملية الجمع والضرب والقسمة وتطبيقها على الالرقام البابلية نرجو الافادة على صفحتنا ع الفيس بوك https://www.facebook.com/ |
|
Save
Save
Comments powered by CComment